“سمكة الصحراء” تسدد الضربات في الميدان ..

القسام يربك الحسابات الإسرائيلية بتكتيك المفاجآت.. الدويري يحلل

 خاص / شهاب

تكشف تطورات المعارك الأخيرة عن مشهد ميداني متغير يشير إلى فشل إسرائيلي مزدوج في التعامل مع تكتيكات كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، خصوصًا مع تصاعد عمليات الكرّ والفرّ التي اتخذت طابع "حرب الاستنزاف".

الخبير العسكري اللواء فايز الدويري سلّط الضوء على عمق الأزمة التي يعاني منها جيش الاحتلال الإسرائيلي، حيث فشل من ناحية أولى في اختراق البنية الاستخبارية للمقاومة، ومن ناحية ثانية في أداء قادته الميدانيين، الذين لا يزالون يكررون الأخطاء نفسها منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وأشار الدويري إلى أن كتائب القسام تستغل عجز الاستخبارات الإسرائيلية، وتنفّذ عمليات مفاجئة تستند إلى مفهوم "سمكة الصحراء" في الأدبيات العسكرية، وهو تكتيك يعتمد على الظهور في الزمان والمكان غير المتوقعين، توجيه ضربات موجعة ثم الانسحاب السريع.

فعالية شبكة الأنفاق

وفي مشهد يؤكد استمرار فاعلية البنية التحتية القتالية للمقاومة، نفذت كتائب القسام سلسلة عمليات مركبة في حي الجنينة شرق رفح وبيت حانون وحي التفاح، استُخدمت فيها الأنفاق لنصب الكمائن وتفجير عبوات ناسفة ضد جنود الاحتلال، إضافة إلى استهداف الدبابات الإسرائيلية بقذائف مضادة للدروع من طراز "ياسين 105".

ويُبرز اللواء الدويري أن هذه العمليات وقعت في مناطق تُصنّف ضمن "المنطقة العازلة" التي يزعم الاحتلال أنه يسيطر عليها أمنيًا، ما يفضح محدودية سيطرته على الأرض رغم مرور أشهر على بداية الحرب.

وبحسب تقديرات تحليلية، لا يزال نحو 400 إلى 550 كيلومترا من شبكة الأنفاق فاعلًا، من أصل 775 كيلومترًا، رغم عمليات القصف المكثفة التي زعمت تل أبيب أنها دمّرت نصفها.

وأكد إسحاق بريك، القائد السابق للفيلق الجنوبي في جيش الاحتلال، أن نسبة التدمير الحقيقية لا تتجاوز 10%، مشككًا في الرواية الرسمية للجيش بشأن تحقيق أهدافه في غزة.

على الرغم من استخدام جيش الاحتلال أنظمة متقدمة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحليل "بصمات الصوت والعيون"، كما وصفها الدويري، فإن أداء القسام يؤكد نجاح المقاومة في تطوير منظومة مراقبة ميدانية متقدمة تتولى مهام الرصد وإعطاء الإشارات الدقيقة لبدء الهجوم، ما يعقّد مهام الاحتلال على الأرض.

محدودًا ومبنيًا

رغم اعتراف رئيس الأركان الإسرائيلي، إيال زامير، بإصدار عشرات الآلاف من أوامر استدعاء جنود الاحتياط استعدادًا لتوسيع العملية، يرى الدويري أن هذا التوسيع قد يكون محدودًا ومبنيًا على سياسة "الأرض المحروقة" لفرض التهجير، لا لتحقيق نصر عسكري واضح.

في ظل هذا المشهد، يبدو أن المقاومة نجحت في فرض معادلة استنزاف ذكية على الأرض، فيما يعاني الجيش الإسرائيلي من أزمة فقدان المبادرة، وتراجع هيبته العملياتية في الميدان.

في هذا السياق أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، عن سلسلة عمليات نوعية خلال الأيام الماضية، شكّلت تصعيدًا لافتًا في المواجهات الميدانية، خصوصًا في مدينتي خانيونس ورفح جنوب قطاع غزة.

نفذ مجاهدو القسام يوم السبت شرق خانيونس  كمينًا مركبًا استهدف قوة هندسية إسرائيلية راجلة بقذيفة مضادة للأفراد، تلاه اشتباك من مسافة صفر.

 وأسفر الهجوم عن قتلى وجرحى، فيما استهدفت دبابتين وجرافة عسكرية بقذائف "الياسين 105" محلية الصنع قرب منطقة الفراحين.

فيما أعلنت الكتائب يوم الاحد تنفيذ كمين مشابه في حلي الجنينه شرق رفح ، استدرجت خلاله قوة إسرائيلية إلى "عين نفق مفخخة" قرب مسجد الزهراء، لتبدأ باشتباك مباشر ثم تفجير النفق فور وصول تعزيزات إسرائيلية، موقعة المزيد من القتلى والجرحى. وتم لاحقًا استهداف دبابتين بقذائف مضادة للدروع.

عمليات مركبة 

نفس الموقع، فجّر مقاتلو القسام منزلًا مفخخًا بقوة إسرائيلية راجلة، كما زرعوا عبوة مضادة للأفراد استهدفت قوة أخرى مكوّنة من 6 جنود، ما أدى إلى سقوط عدد منهم بين قتيل وجريح، حسب ما أكد البيان العسكري.

هذه العمليات تزامنت مع اعتراف الجيش الإسرائيلي بمقتل ضابط وجندي من وحدة "يهلوم" الهندسية الخاصة في تفجير نفق برفح، إضافة إلى إصابة اثنين آخرين، أحدهما بجروح خطيرة.

وذكرت صحيفة معاريف أن العبوة الناسفة فُجّرت عن بعد من قِبل مقاومين قرب موقع الاشتباك.

بالتزامن، أصيب جنديان من كتيبة مدرعة إسرائيلية في حادث "عملياتي" نتيجة خلل فني أثناء قصف في غزة.

أما الخميس الماضي أعلنت القسام عن تنفيذ عملية مركبة أخرى في تل السلطان برفح  أسفرت عن مقتل وإصابة عدد من العسكريين الإسرائيليين، دون الكشف عن تفاصيل إضافية.

وتعكس هذه العمليات تصاعدًا واضحًا في قدرات المقاومة على تنفيذ كمائن معقدة ومباغتة رغم القصف المكثف، في وقت تُقر فيه مصادر إسرائيلية أن مقاتلي القسام لا يزالون يتحصنون تحت الأرض، ويُواصلون استخدام شبكة الأنفاق كسلاح استراتيجي يصعب كسره.

بحسب معطيات جيش الاحتلال الإسرائيلي، قتل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، 850 عسكريا بينهم 410 منذ بدء الهجوم البري على غزة في الـ27 من الشهر ذاته.

وخلافا للأرقام المعلنة، يُتهم الجيش الإسرائيلي بإخفاء الأرقام الحقيقية لخسائره في الأرواح، خاصة مع تجاهل إعلانات عديدة للفصائل الفلسطينية بتنفيذ عمليات وكمائن ضد عناصره، تؤكد أنها تسفر عن قتلى وجرحى.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد

صيغة البريد الإلكتروني خاطئة
OSZAR »